من زرع الخوف حتى في بيوت الله!!

كتبت أسماء الشهاري ـ

#من_الذاكرة.. قصة قصيرة في ذكرى استهداف مسجدي بدر والحشحوش..

من زرع الخوف حتى في بيوت الله! "

اذهب أنت لكن.. اتُرك طفلي.. نعم هذا ما قالته زوجته وعيناها قد اغرورقتا بالدمع، فنظر إليها بِحزن وصمت وتسائل في نفسه، وماذا عني ألا يُهمّكِ أمري.. طأطئ رأسه و أفلت يد ولده الصغير الذي كان في غاية السعادة كونه سيذهب مع أبيه وكان قد ارتدى أجمل ملابسه.. لكن والده خرج مُسرِّعاً وأغلق الباب وشقَّ طريقه، نظر الطفل إلى والدته نظرة عتب ولوم فهي السبب و هي من منعته من خروجه المحبب مع أبيه ثم ركض عنها بعيداً وأخذ في البكاء وقال لها:لِمَ فعلتِ ذلك؟ أنا لا أُحبك!!

صمتت الأم في حزن فهي لا تعرف كيف تشرح لابنها الصغير لماذا فعلت ذلك.. كان الأب يمشي في الشارع بخطوات متثاقله و بطيئه وكأنهُ في حيرة.. وكأنه لا يعرِّف هل يُكمِّل طريقه أم لا، فتارة يلتفت إلى منزله و كأنه يهم بالعودة وتارة يُبطئ في مشيه، و نفسه تصرخ بِداخلِه : ما الذي يحدث لي أو ما الذي يحدُث معي؟
فجأةً.. لم يعرِّف إلا وقد انحرف في السير عن المكان الذي كان يقصده وقلبه يعتصِّرُ ألماً فهو أحبَّ الأماكن إلى قلبه وارتباطه به كارتباط الروح بالجسد، تألم كثيراً ولم يعرِّف هل يعاتب نفسه أم يرثى لحالها، لكنه رفع يديه إلى السماء، وقال : ربِّ أنت تعلم أن بيتك هو أحبُّ الأماكن إليّ وأني ما قد تخلفت عنه إلا لعذرٍ قوي وأني لأحب أن أقف بين يديك فيه ولا أقطعه حتى تنقطِع أنفاسي وأن طفلي وأهلي قد أوكلت أمرهم إليك وأنت أرحم الراحمين، لكن َ لي ديناً لم أقضِهِ بعد.. ثم ذرفت عيناه الدمع رغماً عنه.. وهو يشكو حالهُ لِربهِ....

يالَهُ من موقف.. لم أعد أعرِّف هل ألوم هذا الرجل أم ألتمِس لَهُ العذر.. آهٍ.. آه.. و هل يُعقَّل أن أكثر الأماكن أمناً من كان يُلتمَس للأمان والاطمئنان قد باتَ مدعاةً للخوف و القلق، كيف لنا أن نصدِّق أن أكثر الأماكن جمالاً وأمناً من قصدهُ اليوم فكأنَه يخطو إلى أجلِّه أو أنها ستكون آخر صلاة يصليها في حياته، وما هو شعور تلك الأم أو الزوجة أو الأخت.. هل تنظر إليه وهو يذهب بصمت أم تمنعهُ من بيت ِ الله؟ وهل على من يذهب للصلاة في المسجد أن يترُكَ وصيته ويودع أهله قبل ذهابه لأداء الفريضة فقد تكون آخر فريضة يؤديها.!
ما أكثر الأسئلة و ما أصعب الإجابة.. ما أصعبها.. أم هل نقول وداعاً أيّتُها المِأذنة و وداعاً يا أعظم الأماكن لأنفسنا وأقربها لِأرواحنا.. وهل يُعقَل ذلك وهل نُعطي الأعداء ما يتمنون!! ولكن ما نستطيع قوله تباً لِكُلِّ الحمقى الذين يسعون أن يطفئوا نور الله و اللهُ مُتِّمُ نوره ولو كره الكافرون.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

#منظمة_الأمم_الوحشية

قبسات ضياء في رحاب الصادقين الأوفياء..

مسيرات اليوم.. زحوفات الغد