القلادة

القلادة
#د_أسماء_عبدالوهاب_الشهاري

مجد: انظر إلى نصر يا علي.. إنه على هذه الحالة من فترة طويلة.. يجلس على الصخرة حزيناً ويده تُمسِك بالقلادة ويُطيل النظر إليها في سكون و تارة آراه كأنه يتحدث إليها..

علي :نعم يا مجد، منذ استشهد فارس بالأمس وهو على هذه الحالة.. لا تنسَ أن فارس هو صديق نصر منذ طفولته ورفيق دربه.. آه كم كان شُجاعاً ومِقداماً.. لولا غدرهم له بالصواريخ لما نالوا منه هو ومن معه أبداً لقد وصلت إليه شظايا منها، لكنهم أجبن من أن يواجهوا براً، وكيف للفئران أن تثبت عندما تواجه الأسود الضارية!!

مجد: نعم يا مجد لقد صدقت، ولكن ما قصة القلادة؟

علي: إنها قصة مؤثرة جداً يا صديقي، بالأمس وعندما كان فارس يلفظ أنفاسه الأخيرة بين يديّ نصر ناولهُ القلادة بيده المرتعشة، وقال له بصوت متقطع: أخي نصر وصديق دربي هذه القلادة أمانة في عنقك..

مجد: فهمتُ الآن.. أعرف شعور نصر جيداً.. لقد آلمنا فراق فارس كلنا..

وغير بعيدٍ على الصخرة التي كان يجلس عليها نصر.. و الدموع قد ملأت عينيه و بيده القلادة التي لم تفارق عينيه ولا يديه.. والتي أخذت اللون الأحمر القاني بدماء فارس الطاهرة.. أخذ نصر في الحديث إليها :

هل تعرفين كم أنتِ غالية على قلبي و نفسي.. آه.. ما أزكى رائحة الدماء التي تغطيكِ وكأنّك ِمن الجنة..

لستِ غالية علي فقط.. بل كنتِ عزيزة على فارس أيضاً لم تكوني تفارقينه..

لكن.. كيف لي أن أعرف لمن عليّ أن أوصلكِ يا غالية؟

فقد كان فارس طيباً ومتواضعاً و شهماً ويحبه الكثير من الناس..

هل يجب علي أن أعطيك ِ لوالدته الذي كان الهواء الذي تتنفسه ؟

أم لوالده الذي كان يرى فيه آماله و أمنيات حياته ؟

أم ربما لزوجته الحبيبة و رفيقة دربه فقد تكوني هدية منها إليه..

أو قد تكوني لطفلته سارة التي يفتقدها دائماً و قد حدثني عن قرب يوم ميلادها .. أو ربما أن عليها صورة مولوده الذي غادره بعد ولادته بساعات قليلة مُلبيّاً لنداء الله و الوطن و هو لم تكتحل عينيه منه بعد!

و لماذا.. لماذا لا أحتفظ بكِ أنا؟ فأنا أشعر أنكِ قطعة من قلبي!

أنا في حيرة من أمري! لكنكِ أمانة.. ليس أمامي خيار آخر.. سأمسح الدماء التي على الصورة و أحتفظ بالمنديل لأغلى دماء و آخر ذكرى من رفيق دربي و جهادي..

يجب أن أعرف فأنتِ أمانة في عنقي..

فجأة..

إذا بمجد و علي ينظران إلى نصر يركض نحوهما مُسرِعاً و هو يبتسم و يبكي في نفس الوقت..

وصل نصر إليهما و هو بالكاد يلتقط أنفاسه و يقول لهما :انظرا القلادة

علي: نعم نصر هذه قلادة فارس الشهيد..

نصر: انظرا إلى الصورة..

مجد: يا إلهي.. إنه علم الوطن! راية الوطن الغالي

نصر: نعم إنه أمانة في عنقي و في أعناقنا جميعاً.. ستظل رايته مرفوعة و عالية دوماً..

إنها أمنا اليمن هذه القلادة تخصها .. لن يسلم من يعاديها أو يسعى لأن ينكس رايتها ما دامت الدماء في عروقنا.. وسيظل علمها يرفرف عالياً عالياً عالياً.

#ذاكرة_العدوان_والانتصار
#من_سلسلة_القصة_القصيرة_في_مواجهة_العدوان

http://www.cfca-ye.com/articles.php?id=202

http://T.me/alshahariasma

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

#منظمة_الأمم_الوحشية

قبسات ضياء في رحاب الصادقين الأوفياء..

مسيرات اليوم.. زحوفات الغد